الاثنين، 14 فبراير 2011

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب 35، تفسير ابن كثير، مجلد 6، صفحة 94)

حدثنا بشر حدثنا يزيد، حدثنا سعيد ؛ عن قتادة قال: دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلن: قد ذَكَركُنّ الله في القرآن، ولم نُذكَر بشيء، أما فينا ما يذكر؟ فأنـزل الله عز وجل: ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ) الآية .

فقوله: ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) دليل على أن الإيمان غير الإسلام، وهو أخص منه، لقوله تعالى قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات:14). وفي الصحيحين: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن". فيسلبه الإيمان، ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين، فدل على أنه أخص
 
وقوله: (وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ) القنوت: هو الطاعة في سكون، أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ (الزمر:9)، فالإسلام بعده مرتبة يرتقي إليها، ثم القنوت ناشئ عنهما.
 
( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ ) : هذا في الأقوال، فإن الصدق خصلة محمودة؛ ولهذا كان بعض الصحابة لم تُجَرّب عليه كِذْبة لا في الجاهلية ولا في الإسلام ، وهو علامة على الإيمان، كما أن الكذب أمارة على النفاق، ومَنْ صدق نجا، "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة. وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولا يزال الرجل يكذب ويتَحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا" . والأحاديث فيه كثيرة جدا.
 
( وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ ) : هذه سَجِيّة الأثبات، وهي الصبر على المصائب، والعلم بأن المقدور كائن لا محالة، وَتَلَقّي ذلك بالصبر والثبات، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى، أي: أصعبه في أول وهلة، ثم ما بعده أسهل منه، وهو صدق السجية وثباتها.

(وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ ) الخشوع : السكون والطمأنينة، والتؤدة والوقار والتواضع. والحامل عليه الخوف من الله ومراقبته، كما في الحديث(اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
 
( وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ ) : الصدقة: هي الإحسان إلى الناس المحاويج الضعفاء، الذين لا كَسْبَ لهم ولا كاسب، يعطون من فضول الأموال طاعة لله، وإحسانا إلى خلقه، وقد ثبت في الصحيحين: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" فذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة  فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" . وفي الحديث الآخر: "والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار"
 
وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
 
( وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ) : في الحديث الذي رواه ابن ماجه: "والصوم زكاة البدن" أي: تزكيه وتطهره وتنقيه من الأخلاط الرديئة طبعا وشرعا. قال سعيد بن جبير: من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر، دخل في قوله: ( وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ).

ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة -كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، مَنْ استطاع منكم الباء فليتزوج، فإنه أغَضُّ للبصر، وأحْصَن للفرج، ومَنْ لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء".
 
ناسب أن يذكر بعده: ( وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ) أي: عن المحارم والمآثم إلا عن المباح، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (المؤمنون: 5-7 ).
 
وقوله: ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا محمد بن جابر، عن علي بن الأقمر، عن الأغَرِّ أبي مسلم ، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل، فصليا ركعتين، كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات".

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، رضي الله عنه، أنه قال: قلت: يا رسول الله، أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال: "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات".

قال: قلت: يا رسول الله، ومن الغازي في سبيل الله؟ قال: "لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه" .
 
وقوله: ( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) أي: هيأ لهم منه لذنوبهم مغفرة وأجرا عظيما وهو الجنة

0 comments:

إرسال تعليق