الجمعة، 27 مايو 2011

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (يونس 11، تفسير الطبري، مجلد 10، صفحة 564)





قال أبو جعفر، يقول تعالى ذكره ولو يعجل الله للناس إجابةَ دعائهم في الشرّ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال، ( استعجالهم بالخير ) يقول كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به، (لقضي إليهم أجلهم) يقول لهلكوا، وعُجِّل لهم الموت، وهو الأجل.

وعني بقوله (لقضي) لفرغ إليهم من أجلهم، ونُبذ إليهم، كما قال أبو ذؤيب:

وَعَلَيْهِمَــا مَسْــرُودَتَانِ قَضَاهُمَــا           دَاوُدُ، أَوْ صَنَــعُ السَّــوَابِغِ تُبَّــعُ

( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ) يقول فندع الذين لا يخافون عقابنا ، ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور (في طغيانهم)، يقول في تمرّدهم وعتوّهم، (يعمهون) يعني يترددون.

وإنما أخبر جل ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم ، من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم ، أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرُّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله.

عن مجاهد، في قوله (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال قولُ الإنسان إذا غضب لولده وماله " لا باركَ الله فيه ولعنه ".

وعن مجاهد (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه " اللهم لا تبارك فيه والعنه" فلو يعجّل الله الاستجابة لهم في ذلك، كما يستجاب في الخير لأهلكهم.

وعن مجاهد، في قوله (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه " اللهم لا تبارك فيه والعنه " (لقضي إليهم أجلهم) قال لأهلك من دعا عليه ولأماته.

وعن مجاهد، قوله (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله " اللهم لا تبارك فيه والعنه " قال الله (لقضي إليهم أجلهم) ، قال لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) ، قال يقول لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون.

وعن قتادة قوله (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.

قال ابن زيد في قوله (لقضي إليهم أجلهم) ، قال لأهلكناهم. وقرأ ( مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ) (سورة فاطر 45 )، قال يهلكهم كلهم.

ونصب قوله  (استعجالهم) ، بوقوع (يعجل) عليه، كقول القائل " قمت اليوم قيامَك " بمعنى  قمت كقيامك، وليس بمصدّرٍ من (يعجل)، لأنه لو كان مصدّرًا لم يحسن دخول " الكاف "، أعني كاف التشبيه فيه.

واختلفت القراء في قراءة قوله ( لقضي إليهم أجلهم )، فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والعراق ( لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ )، على وجه ما لم يسمَّ فاعله ، بضم القاف من " قضي"، ورفع " الأجل"، وقرأ عامة أهل الشأم ( لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ )، بمعنى لقضى الله إليهم أجلهم، قال أبو جعفر وهما قراءتان متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني أقرؤه على وجه ما لم يسمَّ فاعله، لأن عليه أكثر القراء.

0 comments:

إرسال تعليق