الأربعاء، 25 مايو 2011

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ * لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ( المائدة 77-81، تفسير البغوي، مجلد 1، صفحة 182)






(  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ) أي لا تتجاوزوا الحد، والغلو والتقصير كل واحد منهما مذموم في الدين، وقوله (  غَيْرَ الْحَقِّ ) أي في دينكم المخالف للحق، وذلك أنهم خالفوا الحق في دينهم، ثم غلوا فيه بالإصرار عليه، ( وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ ) والأهواء جمع الهوى وهو ما تدعو إليه شهوة النفس ( قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ ) يعني رؤساء الضلالة من فريقي اليهود والنصارى، والخطاب للذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم نهوا عن اتباع أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم ( وَأَضَلُّوا كَثِيرًا ) يعني من اتبعهم على أهوائهم ( وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) عن قصد الطريق، أي بالإضلال، فالضلال الأول من الضلالة، والثاني بإضلال من اتبعهم.

قوله تعالى ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ ) يعني أهل أيلة لما اعتدوا في السبت، وقال داود عليه السلام اللهم ألعنهم واجعلهم آية فمسخوا قردة، ( وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) أي على لسان عيسى عليه السلام، يعني كفار أصحاب المائدة، لما لم يؤمنوا، قال عيسى اللهم العنهم واجعلهم آية فمسخوا خنازير، ( ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ  ).

( كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ) أي لا ينهى بعضهم بعضا ( لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ).

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل العامل منهم الخطيئة نهاه الناهي تعذيرا فإذا كان من الغد جالسه وآكله وشاربه كأنه لم يره على الخطيئة بالأمس، فلما رأى الله تبارك وتعالى ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض، وجعل منهم القردة والخنازير، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما السلام ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم ".

قوله تعالى ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ ) قيل من اليهود كعب بن الأشرف وأصحابه، ( يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) مشركي مكة حين خرجوا إليهم يجيشون على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس ومجاهد والحسن منهم يعني من المنافقين يتولون اليهود، ( لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ) بئس ما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة، ( أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) غضب الله عليهم، ( وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ).

(  وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ ) محمد صلى الله عليه وسلم، ( وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ ) يعني القرآن، ( مَا اتَّخَذُوهُمْ ) يعني الكفار، ( أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) أي خارجون عن أمر الله سبحانه وتعالى.

0 comments:

إرسال تعليق