الجمعة، 24 يونيو 2011

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (سبأ 11،10، تفسير ابن كثير، مجلد 6، صفحة 135)





يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله داود، صلوات الله وسلامه عليه، مما آتاه من الفضل المبين، وجمع له بين النبوة والملك المتمكن، والجنود ذوي العَدَد والعُدَد، وما أعطاه ومنحه من الصوت العظيم، الذي كان إذا سبح به تسبح معه الجبال الراسيات، الصم الشامخات، وتقف له الطيور السارحات، والغاديات والرائحات، وتجاوبه بأنواع اللغات. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت أبي موسى الأشعري يقرأ من الليل، فوقف فاستمع لقراءته ، ثم قال " لقد أوتي هذا مِزْمَارًا من مزامير آل داود". وقال أبو عثمان النهدي ما سمعت صوت صَنج ولا بَرْبَط ولا وَتَر أحسن من صوت أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه.

ومعنى قوله ( أَوِّبِي ) أي سبحي.والصواب أن المعني في قوله تعالى ( أَوِّبِي مَعَهُ ) أي رجعي معه مسبحة، والله أعلم.

وقوله ( وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ )  قال غير واحد، كان لا يحتاج أن يُدخلَه نارًا ولا يضربه بمطرقة، بل كان يفتله بيده مثل الخيوط؛ ولهذا قال تعالى ( أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ ) وهي الدروع. قال قتادة وهو أول من عملها من الخلق، وإنما كانت قبل ذلك صفائح.

( وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ )  هذا إرشاد من الله لنبيه داود، عليه السلام، في تعليمه صنعة الدروع. قال مجاهد في قوله ( وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ )  لا تُدِقّ المسمار فَيقلَق في الحلقة، ولا تُغَلّظه فيفصمها، واجعله بقدر.

وقوله ( وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) أي في الذي أعطاكم الله من النعم، ( إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أي مراقب لكم، بصير بأعمالكم وأقوالكم، لا يخفى علي من ذلك شيء.

0 comments:

إرسال تعليق