الخميس، 16 يونيو 2011

وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (الأعراف 127-129، تفسير ابن كثير، مجلد 2، صفحة 177)

يخبر تعالى عما تمالأ عليه فرعون وملؤه، وما أضمروه لموسى، عليه السلام، وقومه من الأذى والبغضة ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ) أي لفرعون ( أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ ) أي أتدعهم ليفسدوا في الأرض، أي يفسدوا أهل رعيتك ويدعوهم إلى عبادة ربهم دونك، يالله للعجب! صار هؤلاء يشفقون من إفساد موسى وقومه! ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون، ولكن لا يشعرون؛ ولهذا قالوا ( وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ) قال بعضهم "الواو" هنا حالية، أي: أتذره وقومه يفسدون وقد ترك عبادتك؟

وقال آخرون هي واو عاطفة، أي لا تدع موسى يصنع هو وقومه من الفساد ما قد أقررتهم عليه وعلى تركه آلهتك.

وقرأ بعضهم " إلاهتك " أي: عبادتك.

وعلى القراءة الأولى قال بعضهم كان لفرعون إله يعبده. قال الحسن البصري: كان لفرعون إله يعبده في السر. وقال في رواية أخرى: كان له جُمَانة في عنقه معلقة يسجد لها.

فأجابهم فرعون فيما سألوه بقوله ( سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ) وهذا أمر ثان بهذا الصنيع، وقد كان نكل بهم به قبل ولادة موسى، عليه السلام، حذرا من وجوده، فكان خلاف ما رامه وضدّ ما قصده فرعون. وهكذا عومل في صنيعه هذا أيضا، إنما أراد قهر بني إسرائيل وإذلالهم، فجاء الأمر على خلاف ما أراد نصرهم الله عليه وأذله، وأرغم أنفه، وأغرقه وجنوده.

ولما صمم فرعون على ما ذكره من المساءة لبني إسرائيل، ( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ) ووعدهم بالعاقبة، وأن الدار ستصير لهم في قوله ( إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ) أي قد جرى علينا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى، ومن بعد ذلك. فقال منبهًا لهم على حالهم الحاضرة وما يصيرون إليه في ثاني الحال: ( عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) ، وهذا تحضيض لهم على العزم على الشكر، عند حلول النعم وزوال النقم.

0 comments:

إرسال تعليق