الاثنين، 20 يونيو 2011

قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (الفرقان 77، تفسير البغوي، مجلد 5،صفحة 167)

( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ) قال مجاهد وابن زيد: أي ما يصنع وما يفعل بكم. قال أبو عبيدة يقال ما عبأت به شيئًا أي لم أعدّه، فوجوده وعدمه سواء، مجازه أي وزن وأي مقدار لكم عنده.

( لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ) إيَّاه، وقيل لولا إيمانكم، وقيل لولا عبادتكم، وقيل لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام، فإذا آمنتم ظهر لكم قدر. وقال قوم معناها قل ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه يعني إنه خلقكم لعبادته، كما قال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) (الذاريات 56) وهذا قول ابن عباس ومجاهد. وقال قوم ( قل ما يعبأ ) ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة، أو ما يفعل بعذابكم لولا شرككم، كما قال الله تعالى ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ) (النساء 147). وقيل ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم إياه في الشدائد، كما قال ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ ) (العنكبوت 65)، وقال تعالى ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) (الأنعام 42). وقيل ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) يقول ما خلقتكم ولي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم.

( فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ) أيها الكافرون، يخاطب أهل مكة، يعني إن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه.

( فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) هذا تهديده لهم، أي يكون تكذيبكم لزامًا، قال ابن عباس موتًا. وقال أبو عبيدة هلاكًا وقال ابن زيد قتالا. والمعنى: يكون التكذيب لازمًا لمن كذب، فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله. وقال ابن جرير عذابًا دائمًا لازمًا وهلاكًا مقيمًا يلحق بعضكم ببعض. واختلفوا فيه، فقال قوم هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون. وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومجاهد ومقاتل، يعني أنهم قتلوا يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازمًا لهم. قال عبد الله "خمس قد مضين الدُّخَان، والقمر، والرُّوم، والبَطْشَةُ، واللِّزام" ( فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) وقيل اللزام هو عذاب الآخرة.

هناك تعليق واحد: