الجمعة، 22 يوليو 2011

قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (المؤمنون 112-116، تفسير ابن كثير، مجلد 4، صفحة 601)


يقول تعالى منبها لأهل النار على ما أضاعوه في عمرهم القصير في الدنيا من طاعة الله تعالى وعبادته وحده، ولو صَبَروا في مدة الدنيا القصيرة لفازوا كما فاز أولياؤه المتقون، ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ) أي كم كانت إقامتكم في الدنيا؟ ( قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ) أي الحاسبين.

( قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) أي مدة يسيرة على كل تقدير ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) أي لما آثرتم الفاني على الباقي، ولما تَصَرَّفتم لأنفسكم هذا التصرف السّيئ، ولا استحققتم من الله سخطه في تلك المدة اليسيرة، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته -كما فعل المؤمنون-لفزتم كما فازوا.

وقوله ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) أي أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا؟، وقيل للعبث، أي لتلعبوا وتعبثوا، كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب، وإنما خلقناكم للعباده وإقامة أمر الله عز وجل، ( وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) أي لا تعودون في الدار الآخرة، كما قال ( أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) (القيامة 36) ، يعني هملا .

وقوله ( فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ) أي تقدَّس أن يخلق شيئا عبثا، فإنه الملك الحق المنـزه عن ذلك، ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) ، فذكر العرش؛ لأنه سقف جميع المخلوقات، ووصفه بأنه كريم، أي حسن المنظر بهي الشكل، كما قال تعالى ( فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) (لقمان 10).

0 comments:

إرسال تعليق