الأربعاء، 20 يوليو 2011

قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى (طه 49-52، تفسير ابن كثير، مجلد 4، صفحة 390)



يقول تعالى مخبرًا عن فرعون أنه قال لموسى منكرًا وجود الصانع الخالق، إله كل شيء وربه ومليكه، قال ( فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ) أي الذي بعثك وأرسلك مَنْ هو؟ فإني لا أعرفه، وما علمت لكم من إله غيري، ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ). قيل خلق لكل شيء زَوْجة. وقيل جعل الإنسان إنسانًا، والحمار حمارًا، والشاة شاةً. وقيل أعطى كل شيء صورته. وقيل سَوّى خلق كل دابة.

وقال سعيد بن جبير في قوله ( أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) قال أعطى كل ذي خَلْق ما يصلحه من خَلْقه، ولم يجعل للإنسان من خَلْق الدابة، ولا للدابة من خلق الكلب، ولا للكلب من خلق الشاة، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح، وهيّأ كلّ شيء على ذلك، ليس شيء منها يشبه شيئًا من أفعاله في الخَلْق والرزق والنكاح.

وقال بعض المفسرين ( أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) كقوله تعالى ( وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) (الأعلى 3) أي قدر قدرًا، وهدى الخلائق إليه، أي كَتَب الأعمال والآجال والأرزاق، ثم الخلائق ماشون على ذلك، لا يحيدون عنه، ولا يقدر أحد على الخروج منه. يقول ربنا الذي خلق الخلق وقدر القَدَر، وجَبَل الخليقة على ما أراد.

( قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأولَى ) أصح الأقوال في معنى ذلك أن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدر فهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي الذين لم يعبدوا الله، أي فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول، لم يعبدوا ربك بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإن عملهم عند الله مضبوط عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال، ( لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) أي لا يشذ عنه شيء، ولا يفوته صغير ولا كبير، ولا ينسى شيئًا. يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدس، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما عدم الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنـزه نفسه عن ذلك.

هناك تعليقان (2):

  1. جزاك الله خير كثيرا ما اردد هذي الأيه و الحمد لله

    ردحذف
  2. جزاك الله خير والى الامام

    ردحذف