السبت، 10 سبتمبر 2011

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (الحجر 99، تفسير ابن كثير، مجلد 4، صفحة 101)

عن سالم بن عبد الله (الْيَقِينُ ) الموت، وهكذا قال غيرُ واحد، والدليل على ذلك قوله تعالى إخبارًا عن أهل النار أنهم قالوا ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ) (المدثر 43-47).

وفي الصحيح عن أم العلاء - امرأة من الأنصار - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات قلت رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت بأبي وأمي يا رسول الله، فمن؟ فقال " أما هو فقد جاءه اليقين، وإني لأرجو له الخير ".

ويستدل من هذه الآية الكريمة وهي قوله ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري، عن عمران بن حصين، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب ".

ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم. وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء، عليهم السلام، كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد الناس وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة. وإنما المراد باليقين هاهنا الموت، كما قدمناه. ولله الحمد والمنة، والحمد لله على الهداية، وعليه الاستعانة والتوكل، وهو المسؤول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها فإنه جواد كريم.

0 comments:

إرسال تعليق